الصفحة الرئيسية  متفرّقات

متفرّقات رأي: هل درس الغنوشي في الزّيتونة؟

نشر في  09 نوفمبر 2016  (10:11)

في تصريح لراشد الغنوشي يوم 4  ـ 11 ـ 2012 قال فيه (وهو يتحدّث عن تعليمه في تونس) انّه تخرّج من جامع الزيتونة بزاد ديني ضئيل لا يزيد عمّا كان تلقنه من والده المؤدّب في صباه في حين أنّه لم تطأ قدمه أرض جامع الزيتونة بجميع فروعه لأنّه لم يغادر مسقط رأسه الحامة التي لا يوجد بها فرع زيتوني وحتى بعد نزوله العاصمة لم يتلقّ تعليمه بالزيتونة مطلقا لأني كنت آنذاك حديث عهد بالزيتونة وكلنا يعرف بعضهم بعضا فلم يكن له وجود بيننا حيث أنّنا من تراب واحد إلاّ ان يكون يعني بذلك أخويه المختار وخالد فهما بحق متخرجان من جامع الزيتونة بشهادة التطويع وقد زاولا سلك القضاء.
وهنا أريد ان أؤكّد لهذا الداعية المتخرّج من الزيتونة ـ حسب دعواه الباطلة ـ انّ التعليم الزيتوني لا يقلّ درجة في مناهجه عن سائر مناهج التعليم الثانوي العام بتونس التي تدرّس في كل المعاهد التونسية كالصادقية والعلوية وغيرهما. غير انّ الفارق الوحيد هو «آللغة» فالزيتونة تعتمد اللغة العربية أساسا في جميع المواد العلمية والعصرية من كيمياء وفيزياء وهندسة فضائية وجبر وفلسفة ومنطق ومدخل توجيهي ولغوي ويعتبر اللغة الفرنسية لغة ثانوية للتخاطب فقط، ولا ننسى انه كانت للتعليم الزيتوني شعبتان من التعليم:
ـ الشعبة العلمية وهي التي أشرنا إليها في ما سلف.
ـ والشعبة العصرية وهي التي تعتمد اللغة الفرنسية أساسية في برامجها لا كلغة تخاطب فقط كما هو في الشعبة الأولى. بينما بقية المعاهد التعليمية  كانت تجمع بين اللغتين على السواء وتعتبر اللغة الفرنسية أساسية في المواد العصرية واللغة الانقليزية ثانوية..
ثم انّ الزيتونة تتميّز فضلا عن ذلك بعلومها الشرعية من فقه وحديث وتفسير ومذاهب وفرق اسلامية وفلسفة اسلامية حول علم الكلام وفلسفة يونانية، وهو ما لا نجده بنفس الحجم في سائر المعاهد الأخرى.
زد على ذلك فانّ مدرّسي المعاهد العصرية هم أنفسهم الذين يدرّسون بالمعاهد الزيتونية، أمثال منيّف، والمالقي، وبن عاشور، وبن ميلاد والغزالي، والهيلة، والعابد ولخوة، وغيرهم من الذين لهم فضل كبير على أجيال الاستقلال وما بعده.
زد على ذلك لم يحرم طلاّب الزيتونة من دراسة اللغات العصرية على غرار زملائهم في بقية المعاهد بفضل ما أحدثه الزعيم بورقيبة من ثورة ثقافية في البلاد عندما أمر بعض الشعب الدستورية ان تعلّم أبناء الحي اللغات الحية مجانا كالأنجليزية والايطالية والألمانية وبعث المعهد البورقيبي بشارع باريس إبان الاستقلال والذي لا يزال قائما يزوّد طالبه بتعليم اللغات الحية وكل طالب يختم السنة الرابعة يحصل على تذكرة سفر وإقامة مجانا بالبلاد التي حذق لغتها بالمعهد البورقيبي!
فأي دلال لأبناء الشعب التونسي من طرف الزعيم وكيف لا يحبّ زعيم مثله؟
وحتى لما أصدر بورقيبة أمرا بمنع التعليم الزيتوني في المساجد فإنّه لم يقلل ذلك من شأنه، بل رفع من شأنه لأنه هذّبه وكساه بكساء عصري فقد ظل التعليم الزيتوني قائما على حاله ولكن بشكل متطوّر.
اذن كيف لمدّع ان يدعي انّ بورقيبة اساء لرجال الدين وهو الذي كانت تجمعه وإياهم حلقات الأعياد والمناسبات الدينية في المساجد فيسمع منهم ويستمعون منه؟

 سالم أبو الوفاء